تحقيق | هل يطيح بوتزيك بعرش حسن مصطفى بعد 25 عامًا من الهيمنة؟

من القاهرة، سيبدأ الفصل القادم من تاريخ كرة اليد العالمية.
رئيس جديد أو رئيس مجدّد… كلا الخيارين يحمل عواقب استراتيجية.
ما يحدث اليوم ليس معركة بين أشخاص، بل صراع بين رؤيتين:
- رؤية ترى أن الاستقرار ضمانة لنمو اللعبة.
- ورؤية تقول إن كرة اليد تحتاج إلى قيادة عصرية تُعيد توزيع القوة وتفتح الباب أمام الجميع.
ومهما كانت النتيجة، فإن العالم ينتظر نهاية ديسمبر لمعرفة أي مستقبل ستختاره كرة اليد لنفسها.
التحرير
قبل أسابيع قليلة من انعقاد كونغرس الاتحاد الدولي لكرة اليد في القاهرة، تقف اللعبة على أعتاب واحدة من أهم محطّاتها منذ عقود. فبعد أن ظلت قيادة الاتحاد مستقرة في يد الدكتور حسن مصطفى لأكثر من ربع قرن، تبرز لأول مرة أسماء منافسة تمتلك ثقلًا إداريًا وفكريًا، وعلى رأسها الألماني غيرد بوتزيك، الذي يحاول إعادة صياغة مستقبل اللعبة عبر مشروع انتخابي يحمل شعارًا واضحًا: “كرة اليد تستحق المزيد”..
انتخابات غير تقليدية… تغيّر ملامح اللعبة عالميًا
تاريخ الاتحاد الدولي يشهد للمرة الأولى منذ سنوات طويلة ترشّح أربعة أسماء لمنصب الرئيس، من بينهم الرئيس الحالي ومرشحون من ألمانيا وسلوفينيا وهولندا.
وهذا العدد يكشف حجم التحوّل داخل منظومة كرة اليد؛ فالدورات السابقة لم تشهد تنافسًا فعليًا، بل كان الطريق ممهّدًا أمام الرئيس الحالي.
مصادر صحفية أوروبية وصفت هذه الانتخابات بأنها “أكثر انتخابات الـIHF انفتاحًا منذ مطلع الألفية”، وأنها تمثل “اختبارًا حقيقيًا لثقة الاتحادات في القيادة الحالية”.
حسن مصطفى… إرثٌ ضخم يواجه مطالب التغيير 
منذ عام 2000، تولّى حسن مصطفى قيادة الاتحاد الدولي، وبات من أكثر الشخصيات نفوذًا في الرياضة العالمية.
بموجب هذا الإرث الطويل:
- توسعت بطولات العالم للرجال والسيدات.
- حصلت الاتحادات الصغيرة على دعم مالي وتقني.
- نجحت كرة اليد في تثبيت حضورها الأولمبي.
لكن صحفًا أوروبية وأخرى ناطقة بالإنجليزية ذكرت في الشهور الأخيرة عدة انتقادات وملفات خلافية، أبرزها:
- قلة الشفافية في بعض القرارات المؤسسية.
- غياب التطوير الإعلامي المناسب لصورة اللعبة عالميًا.
- عدم وجود آلية واضحة للمحاسبة داخل الهياكل الإدارية.
كما أثارت مدة البقاء الطويلة في المنصب نقاشًا واسعًا حول ضرورة التجديد، وهو ما اعتبره مراقبون جزءًا من الخلفية التي دفعت دولًا أوروبية إلى دعم مرشح جديد.
لماذا ظهر بوتزيك الآن؟ 
غيرد بوتزيك ليس شخصية إعلامية، لكنه لاعب سابق، حكم سابق، مدرب سابق، وإداري قضى نصف عمره داخل اللعبة.
ووفق تقارير رياضية ألمانية حديثة، فإن الرجل:
- يمتلك شبكة علاقات قوية مع الأندية الأوروبية الكبرى.
- شارك في مفاوضات تخص تطوير مسابقات الأندية.
- قاد مشاريع مشتركة مع اتحادات وطنية لتعزيز الاحترافية والحوكمة.
ترشّحه لم يأتِ من فراغ؛ بل جاء بعد نقاش طويل داخل الدوائر الأوروبية حول “نوع القيادة التي تحتاجها اللعبة خلال العقد القادم”.
وتشير الصحافة الأوروبية إلى أن ترشيح بوتزيك حظي بمباركة اتحادات كبيرة، رأت أنه قادر على تحريك ركود إداري استمر سنوات.
برنامج بوتزيك… بناء اتحاد عصري !!
المشروع الذي يقدمه بوتزيك لا يهاجم الرئيس الحالي، لكنه يطرح رؤية واضحة تستند إلى أربعة أعمدة رئيسية:
حوكمة شفافة
يريد إعادة هيكلة طريقة اتخاذ القرار، بحيث لا تبقى الصلاحيات مركّزة في دائرة ضيقة.
التقارير الأوروبية تصفه بأنه “رجل مؤسسات”، يؤمن بأن قوة الاتحاد تأتي من المشاركة الواسعة للاتحادات الأعضاء، وليس من المركزية الشديدة.
توزيع عادل للموارد
تركز خطته على دعم القارات النامية — آسيا وإفريقيا وأمريكا الجنوبية — ليس فقط بالمال، بل ببناء منصات تدريب للاعبين والحكام، لتقليص الفجوة الفنية مع أوروبا.
عصرنة كرة اليد
يقول في مقابلاته إن كرة اليد متداولة عالميًا لكنها لا تُسوّق كما يجب.
يعتقد أن تحسين الإنتاج التلفزيوني، ومنصات البث، والتفاعل الرقمي، سيحوّل اللعبة إلى صناعة عالمية قادرة على جذب استثمارات كبرى.
تعزيز دور اللاعبين والأندية
واحدة من النقاط التي حظيت بتفاعل واسع:
إشراك اللاعبين والأندية في قرارات الروزنامة الدولية لتفادي ضغط المباريات، وهي خطوة تطالب بها الأندية منذ سنوات.
من يحسم الصوت الفاصل؟
تصف تقارير تحليلية المشهد الانتخابي بأنه “لعبة مناطق نفوذ”.
فالخريطة تقول:
- إفريقيا وآسيا: تميل لصالح الرئيس الحالي بسبب العلاقات التاريخية والدعم المتواصل لهذه الاتحادات.
- أوروبا: الكتلة التصويتية الكبرى المؤيدة للتغيير عبر بوتزيك.
- أمريكا الجنوبية والشمالية: متقلبة، وقد تحسم النتيجة لأنها لا تُصنف ضمن كتلة ثابتة.
صحف رياضية دولية ذكرت أن الاتحادات الصغيرة والمتوسطة ستكون صاحبة الوزن الحقيقي، لأنها غير مرتبطة بتفاهمات تاريخية، وتتخذ قراراتها وفق ما تراه أفضل لمستقبل اللعبة في بلدانها.
الكونغرس… أكثر من مجرد انتخابات
ما سيحدث في القاهرة ليس تصويتًا على شخص واحد فقط.
الجمعية العمومية ستصوّت أيضًا على:
- نواب الرئيس
- أعضاء المكتب التنفيذي
- ممثلين للقارات
- لجان تقنية وإدارية
وهذا يعني أن الانتخابات قد تُعيد تشكيل القيادة الكاملة للعبة، وليس فقط منصب الرئيس.
صحيفة أوروبية وصفت هذه العملية بأنها “إعادة توزيع لأوراق النفوذ داخل الرياضة”.
ماذا سيحدث إذا فاز كل طرف؟
🔵 في حال فوز حسن مصطفى
- ستستمر سياسة الاستقرار الإداري.
- قد تُفرض عليه ضغوط أكبر لإدخال تعديلات في بنية الحوكمة.
- ستحافظ إفريقيا وآسيا على مركزيتها داخل الاتحاد الدولي.
🔵 في حال فوز بوتزيك
- من المتوقع ظهور تغييرات هيكلية في طريقة إدارة الاتحاد.
- قد تتغير أساليب تسويق البطولات وإنتاجها إعلاميًا.
- ستبرز مطالب أوروبية بتوحيد روزنامة اللعبة عالميًا.
- قد تُعاد صياغة علاقة الاتحاد بالأندية المحترفة.
ماذا يستفيد الوطن العربي من هذه الانتخابات ؟
بالنسبة للمنطقة العربية، تعتبر هذه الانتخابات لحظة حساسة.
فالدول العربية حققت خلال السنوات الماضية حضورًا قويًا على مستوى التنظيم والتحكيم والبطولات، وهو ما يجعلها لاعبًا مهمًا في المعادلة.
السؤال الأهم:
هل تحتاج الدول العربية إلى قيادة جديدة تستجيب لخطط تطوير القارات النامية؟
أم ترى أن استمرار الرئيس الحالي يحافظ على مسار الدعم والمكاسب التي تحققت؟
الإجابة ليست بسيطة، لكن المؤكد هو أن نتائج هذه الانتخابات ستنعكس بشكل مباشر أو غير مباشر على روزنامة البطولات، ومشاريع تطوير التحكيم، وفرص استضافة الأحداث العالمية في المنطقة.






