يقولون

في لعبة كرة اليد تغيير المدربين.. نزيف فكر أم هروب من المسؤولية؟

 

التحرير

تشهد كرة اليد العربية والخليجية في السنوات الأخيرة فوضى غير مسبوقة في إقالات المدربين، حتى باتت بعض الأندية تغيّر جهازها الفني قبل أن يعتاد اللاعبون على أسلوبه.
أصبح المشهد مألوفًا: خسارة واحدة كفيلة بإشعال الغضب، ليكون المدرب هو الضحية الأولى، وكأن المشكلة تختصر في “الشخص الخطأ على الدكة”.

هذا التغيير المستمر أفقد كثيرًا من الأندية هويتها الفنية واستقرارها النفسي، فكل مدرب يأتي بفكر مختلف ورؤية جديدة ومتطلبات لا تشبه سابقتها، فيبدأ من الصفر ويمحو ما بناه غيره، لتتحول الفرق إلى مشاريع مؤقتة بلا ملامح ولا جذور.
المعضلة لا تكمن في إقالة مدرب لم ينجح، بل في القرارات الانفعالية التي تُتخذ بلا دراسة ولا صبر. بعض الإدارات تبحث عن “التهدئة الجماهيرية” أكثر من بحثها عن حلول حقيقية، فيغيب التخطيط وتغيب الرؤية، ويبقى الفريق في دوامة “إقالة.. ثم تعيين.. ثم إخفاق جديد”.

الخبراء يرون أن المدرب أصبح الحلقة الأضعف داخل المنظومة، وأن الإدارات تتحمل النصيب الأكبر من الفشل، لأنها تختار بلا معايير واضحة وتغيّر بلا مبررات مقنعة. تبدأ القصة بفلاشات التوقيع وابتسامات الثقة، وتنتهي بصمت وبيان مقتضب دون أن يجرؤ أحد على الاعتراف بالخطأ.

التغيير أزمة نتائج أم أزمة فكر ومسؤولية؟
حين يغيب الاستقرار، تسقط المشاريع قبل أن تبدأ، وتتحول طموحات الأندية إلى ردود فعل آنية لا تصنع مستقبلًا. النجاح في كرة اليد لا يُشترى بمدرب جديد، بل يُبنى بالصبر والتخطيط والثقة بالعمل المستمر.

من يتحمّل المسؤولية؟
سؤال مشروع يتردد في الشارع الرياضي: من يقرر التعاقد مع المدربين؟ رئيس جهاز اللعبة؟ أم مجلس الإدارة؟ ولماذا لا يخرج أحد ليقول: “أنا أتحمل مسؤولية الإخفاق”؟
للأسف، المشهد متكرر: حفلات توقيع وابتسامات أمام الكاميرات عند التعاقد، ثم صمت مطبق عند الإقالة، وكأن المدرب هو “الطوفة الهبيطة” التي تُعلّق عليها كل الأخطاء.

ما يحدث ليس وليد موسم أو اثنين، بل عادة راسخة تتكرر منذ سنوات في الأندية نفسها وبالأسلوب ذاته.
المشكلة ليست في الأسماء التي تُقال، بل في طريقة التفكير التي تُدير المشهد الرياضي. طالما أن القرارات تُتخذ بردود أفعال لا بخطط استراتيجية، ستبقى فرقنا تدور في حلقة مفرغة من “تغيير – إخفاق – تغيير”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com