أخبار محلية

يــد ” الصفـــا ” قصــيرة !!

كتب- المحرر

خمسة مواسم مضت والحديث عن نادي الصفا لكرة اليد لا يخلو من إشادةٍ بالمستوى، وتنهيدةٍ على ضياع اللقب, الفريق الذي اعتاد الوقوف على أطراف الذهب، لم يلمسه بعد، رغم كل المقومات الفنية والإدارية التي كانت تدعمه، وكل الحماس الجماهيري الذي دفعه دومًا للأمام.

في كل موسم، كانت بداية الصفا تبشر بالكثير, تعاقدات محلية ودولية، جهاز فني يمتلك الخبرة، ومجلس إدارة بدا ملتفًا حول الفريق الأول بكل ثقله, دخل الفريق ميدان المنافسة، وواجه أسماء مرموقة في اللعبة مثل الخليج، مضر، الهدى، والنور، الأخير الذي شهد تراجعًا في مستواه بعد مغادرة العديد من نجوم أكاديميته.
لكن المفاجأة أن الصفا لم يحصد سوى الوصافة في الدوري الممتاز موسم 2024–2025، والميدالية البرونزية في دورة الألعاب السعودية 2025، ليضاف هذا إلى سجل من المحاولات غير المكتملة التي تضمنت خسارة ست نهائيات في السنوات الأخيرة. جماهير الفريق التي لا زالت تنتظر التتويج، بدأت تُحمّل المسؤولية للجميع: من الإدارة إلى اللاعبين، مرورًا بالجهاز الفني.

رغم الجهود المبذولة، لم يتمكن الفريق من ترجمة أدائه إلى تتويج. تعلق الجمهور بآمال عريضة، خاصة في ظل التعاقد مع أجهزة فنية ذات خبرة ولاعبين بارزين على الصعيدين المحلي والدولي، إلا أن كل ذلك لم يكن كافيًا لاعتلاء منصات التتويج.

يرى محللو كرة اليد السعوديون أن أبرز المشكلات تتمثل في تدخلات و ممارسات خارجية كضغوط جماهيرية في العمل الفني، خاصة خلال المباريات الحاسمة، حيث يتم ترشيح أسماء بعينها على التشكيلة الأساسية، مما يفسد خطط الأجهزة الفنية وأربك المهام, ولم يكن الوضع أفضل على مستوى المحترفين، إذ يُطلب ويقترح على الجهاز الفني إشراك لاعبين أجانب لم يحققوا الإضافة المرجوة.
أما اللاعبون، فلم يسلموا من النقد، إذ اتُهم بعضهم بأنهم فقدوا الروح القتالية، وبدأوا يركّزون أكثر على الجوانب المالية، في وقتٍ كان الفريق بأمسّ الحاجة إلى الالتزام والولاء داخل الملعب. ومع تأخر صرف المستحقات، بدأ بعضهم في الغياب عن التدريبات، وظهر أثر ذلك على النتائج، حيث بدا الانسجام غائبًا، رغم ما يمتلكه الفريق من أسماء موهوبة.

مالياً تغير المشهد بشكل كبير , فقد كان نادي الصفا من القلة التي أنهت الموسم ما قبل الماضي دون تأخير في الرواتب أو تراكم للديون، لكن الأمور اختلفت في موسم 2024–2025، حيث ظهرت متأخرات مالية تتجاوز قدرات النادي الحالية، ما تسبب في أزمة حقيقية, ويرى الخبراء أن تحميل المسؤولية بالكامل لرئيس وأعضاء مجلس الإدارة أمر غير منصف، فالمسؤولية يجب أن تشمل رجال أعمال صفوى والمجتمع الداعم، للمساهمة في تحقيق الاستقرار المالي.
وبينما يحاول النادي تجاوز هذه الأزمة، ظهرت دعوات لتبني نماذج مشابهة لأندية أخرى في المنطقة الشرقية، تعتمد على دعم مجتمعي منظم، وتحركات أهلية نشطة. ويؤمن المحللون أن الصفا قادر على تخطي الأزمة المالية والعودة بقوة.
أشار المحللون إلى ضعف الانسجام الفني داخل الفريق، وهو عامل حاسم في أي مسيرة ناجحة. قارنوا بينه وبين أندية مثل الخليج، الذي رغم التحديات تمكن من بناء روابط قوية بين إدارته وجهازه الفني ولاعبيه، مما أثمر عن نتائج إيجابية. وكذلك مضر، الذي اجتاز فترات صعبة ونجح في استعادة الاستقرار. أما الصفا، فعانى من غياب التخطيط الإداري وعدم التوفيق في توظيف عناصره.
وقد حدث في بعض المواسم أن كان الفريق يمتلك إدارة قوية ومدربًا مميزًا، لكنه افتقر للعنصر البشري داخل الملعب، وفي مواسم أخرى كان العكس، مما أخل بالانسجام العام وأثّر على النتائج ,كما أن التزام النادي بحقوق اللاعبين المادية في مواسم سابقة لم يكن كافيًا لاحتواء التوترات، خاصة حين تأخرت المستحقات هذا الموسم، فتأثر بعض اللاعبين، وظهر ذلك في أدائهم.
الجماهير وهي روح النادي، لا تقل تأثيرًا عن كل ما سبق, مشجعو الصفا معروفون بولائهم وحرصهم على الفريق، ولكن ردود أفعالهم العاطفية أحيانًا تدفع الإدارة لاتخاذ قرارات سريعة، مثل إقالة مدربين أو إنهاء عقود محترفين، وهو ما قد يضر بالفريق أكثر مما يفيده. ويرى المحللون أن هذا النمط لا يخص الصفا وحده، بل هو سلوك متكرر في أندية عدة بالمنطقة.
ومن هنا، تبرز الحاجة إلى تشكيل لجنة فنية مستقلة من خبراء اللعبة، تُعنى بدراسة واقع الفريق واتخاذ قرارات هادئة ومدروسة، بعيدًا عن الضغوط الجماهيرية. فالقرارات العاطفية تؤدي غالبًا إلى زعزعة الاستقرار، وهو ما يعاني منه الصفا حاليًا.
وعلى الرغم من كل ذلك، لا يمكن تجاهل ما حققه الفريق:

  • وصافة الدوري الممتاز موسم 2024–2025.
  • الميدالية البرونزية في دورة الألعاب السعودية 2025.
  • منافسة قوية ضد فرق بحجم الخليج، مضر، النور، والهدى.

لكن الإخفاق في ست نهائيات متتالية جعل الجماهير تتساءل عن السبب الحقيقي لعدم اكتمال الحلم، وطرح العديد من التوصيات من قِبل الخبراء:

  1. إعادة هيكلة فنية:
    • التعاقد مع جهاز فني يمتلك الكفاءة والخبرة.
    • منح الصلاحيات الكاملة للجهاز الفني دون تدخل خارجي.
    • تقييم دقيق للمحترفين وتوظيفهم حسب الاحتياج الفني.
  2. توازن التشكيلة:
    • بناء فريق متكامل من الأساسيين والبدلاء.
    • تعزيز الروح الجماعية والاحترافية في الأداء.
  3. الاستقرار الإداري والمالي:
    • تفعيل خطة مالية لسداد المستحقات.
    • إشراك رجال أعمال صفوى والمجتمع المحلي في الدعم المالي.
    • الامتناع عن الاقتراض البنكي والبحث عن مصادر مستدامة.
  4. التفاعل الجماهيري المنضبط:
    • تنظيم لقاءات دورية مع الجماهير لاحتواء ردود الفعل.
    • إطلاق حملات دعم تستهدف الاستقرار الفني.
  5. إطلاق لجنة فنية مستقلة:
    • تضم خبراء كرة يد لدراسة العقبات واتخاذ قرارات مدروسة.

حالياً، يركز نادي الصفا على مراجعة السلبيات التي ظهرت في الموسم المنقضي، وقد انتهت عقود جميع اللاعبين، ويجري العمل على تقييم أدائهم لتحديد من يستحق البقاء. كما يُبحث عن جهاز فني جديد ولاعبين جدد لخوض الموسم المقبل بأمل جديد.

رغم الإخفاقات، يظل الصفا أحد الأندية الكبيرة في الدوري السعودي، ويملك قاعدة جماهيرية عريضة، وعناصر قادرة على صنع الفارق، لكنه بحاجة إلى إدارة مستقرة، وفكر فني حر، ودعم مجتمعي مستدام. فالفريق الذي اقترب مرارًا من الذهب، لا يجب أن يبقى بعيدًا عن منصة التتويج.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com