تعقيباً على مقالة “هل يحجب اللاعبون كبار السن مستقبل المواهب في كرة اليد ؟

في السنوات الأخيرة تكررت الآراء التي تتهم اللاعبين كبار السن بأنهم يشكّلون حاجزًا أمام صعود المواهب الشابة في كرة اليد. ورغم وجاهة هذا القلق في بعض الأندية التي تفتقر لبرامج تطوير واضحة، إلا أن الصورة الكاملة أكثر تعقيدًا من مجرد صراع بين جيلين داخل الملعب.
فاللاعبون المخضرمون يمثلون عنصرًا أساسيًا في منظومة اللعبة، إذ يجلبون خبرة تراكمية لا تُقدّر بثمن، سواء في إدارة اللحظات الصعبة أو في الحفاظ على تماسك الفريق داخل وخارج الملعب. هذه الخبرة لا يمكن استبدالها بسهولة، وهي في كثير من الأحيان ما يصنع الفارق في البطولات الكبرى.
من جانب آخر، لا تُعدّ الخبرة منافسًا مباشرًا للموهبة؛ بل هي مكملة لها. فالشباب يمتلكون الطاقة والسرعة والقدرة على الابتكار، بينما يملك اللاعب الكبير القدرة على قراءة المباراة واتخاذ القرارات الدقيقة تحت الضغط. هذا التوازن هو ما يصنع فريقًا قادرًا على المنافسة، وليس الاعتماد على فئة عمرية واحدة.
الواقع يشير أيضًا إلى أن الموهبة الحقيقية تفرض نفسها. ففي معظم الأندية والمنتخبات، حين يظهر لاعب شاب بموهبة استثنائية والتزام واضح، يجد طريقه إلى التشكيلة الأساسية بغضّ النظر عن وجود لاعبين أكبر سنًا. المشكلة — إن وجدت — لا تكمن في كبار السن، بل في ضعف السياسات الرياضية التي لا تمنح الشباب مساحات تطوير كافية.
كما أن وجود لاعبين ذوي خبرة يسهم في خلق بيئة تدريبية أكثر نضجًا، ويقدّم للشباب نموذجًا يُحتذى به في الانضباط والاحترافية، مما يختصر سنوات من التجربة ويعجّل بنضجهم الرياضي.
في النهاية، من الخطأ اختزال التحديات التي تواجه المواهب في كرة اليد في وجود اللاعبين كبار السن. فالمعادلة الصحيحة ليست بإقصاء المخضرمين لصالح الشباب، بل ببناء منظومة متوازنة تتيح للجيلين العمل جنبًا إلى جنب، حيث تتكامل الطاقة مع الحكمة، وتُترجم المواهب الواعدة إلى نجوم المستقبل !
بروفسور عبدالعزيز المصطفى







جميل ورائع كالعادة من قامة رياضية وكاتب أصيل يضع النقاط على الحروف ويبرز الإيجابيات والسلبيات في كل مقالة تخطها أناملة بخبرة السنين الميدانية والدراسات الأكاديمية وقريب جدا من الواقع والحدث الرياضي وكرة اليد السعودية ، فكل مرة يتحفنا بموضوع ومقال حديث الساعة ويكون منبرا واضحا وصريحا لهذا الحدث الرياضي وملما بكل تفاصيله وأحداثة بلغة سهلة وسلسة تنير الطريق لأجيالنا الحاضرة والقادمة … شكرا ألف للبرفيسور عبدالعزيز وأرجو ألا يطول غيابه عن مثل هذه الكتابات والمقالات الراقية والمفيدة
أحمد الطوال