ثقافة التشجيع المتناقضة ..

منظر مخجل ذلك الذي نراه بين فترة وأخرى من بعض الجماهير الرياضية وهي تنسحب من مباريات فرقها عند الخسارة.
يتكرر هذا المنظر عندنا كثيراً، حيث نراه في مباريات كرة القدم وكرة اليد بالذات ، كما ونرى إحجام الجماهير عن حضور المباريات عندما تكون مستويات فرقها في حالة تراجع خلال الدوريات، لدرجة تكون فيها المدرجات شبه خالية.
في لعبة كرة اليد يكون الأمر أوضح، لصغر حجم صالتها مقارنة بملاعب كرة القدم ، ويكاد يرى منظره الجميع بمن فيهم اللاعبين وهو ما يسبب الحرج والإحباط، وربما تراجع المستوى الفني والحالة النفسية إلى مستويات أكثر مما هي عليه.
فضلاً عن ذلك ، هو ما يجري في وسائل التواصل الاجتماعي ، بين مديح طاغٍ حال الفوز ، ونقد لاذعٍ عند الهزيمة ، وبعد يوم أو يومين ، وكأن هذا الفريق لم يفرحنا بالبطولات والإنجازات التي تسجل في سجلات التاريخ ونعتد بها بين الحين والآخر ، ومن نفس اللاعبين أو أغلبهم ربما .
ما يجب أن يحدث هو العكس تماماً، وذلك بالإصرار على البقاء ، وتشجيع فريقها المهزوم، وتحيته بعد انتهاء المباراة ، وتكثيف الحضور في المباريات المقبلة، دعماً لمعنويات لاعبيه ودفعهم لأن يعودوا لمستوياتهم المعتادة
لا يمكن أبداً التماس العذر لبعض الجماهير ، والتي طالما اسعدتها فرقها بالانتصارات والبطولات ، وطالما تفاعلت جماهيرها معها بالحضور الذي ملأ الصالات ، وشجعت بحرارة واستماتة، ثم وبكل سهولة نراها تنسحب من أول هزيمة لفريقها
لماذا لا نعتبر مما يجري من الجماهير المختلفة في البلاد الأوروبية على سبيل المثال، حين نرى المناظر المدهشة ، وهي تقف وتصفق وتحيي فريقها في الفوز والخسارة ، بل وتحيي الفريقين ، في الوقت الذي يبادلها اللاعبون التحية بمثلها وأكثر .
نحن في بلادنا الشرقية وبالذات العربية وبالخصوص الخليجية أكثر حساسية من غيرنا، بسبب الأواصر والتقارب والأسرية والصداقات والعلاقات الاجتماعية الوطيدة ، حتى مع أندادنا من الفرق الأخرى ،ونتأثر نفسياً من الكلمة أو التصرف سلباً أو إيجاباً ،، بما ينعكس على الحالة المعنوية.
لابد أن تتغير هذه الثقافة والتي لا تتناسب وثقافة العصر الذي نعيشه مع التطور والانفتاح على الآخر . ويجب أن نكون وجهاً مشرفاً لأوطاننا ، وبالخصوص لوطننا السعودي الأصيل بعاداته وتقاليده، وأن نكون نموذجاً لافتاً للتحضر والرقي ، وأن نعكس الصورة الحقيقة التي نريدها لشبابنا ، فالرياضة ليست فوز وخسارة فقط، بل هي ثقافة وأخلاق ، وذلك ما يجب أن يمثلنا في واقعنا المحلي ، وفي المحافل الدولية المختلفة.